الخميس، 20 أغسطس 2009

رحلة انتحار الشوق 3

عدت كما وعدتكم
لن أستمر في سرد تفاصيل الرحلة حتى لا تكون مملة
فقط بعض المواقف التي حصلت:
في تلك الليلة قررنا مجموعة من الحملة ومن يشاركونني الغرفة
أن نذهب للحرم ونعود بعد صلاة الفجر
وبينما نحن جلوس نقرأ بعض سور القرآن و الأدعية
إذا بصرخة تخترق اسماعنا من امرأة خلفنا
التفتنا جميعا اليها
كانت امرأة ايرانية طفلتها تلعب بجوارها لكن فجأة افتقدتها
فرت من مكانها مذعورة باكية تنظر يمنة ويسرى
لا تستطيع أن تستقر رغم مساعدة زوجها بالبحث معها
هذا الموقف يتكرر للكثيرين ففقدان الأطفال وبعض الأشخاص
من داخل الحرم ليس بالجديد
رغم الأمن المنتشر حول المكان
دعوت لها من قلبي واضطررنا أن نغير أماكننا للصلاة
وبعد عودتنا للفندق كانت المفاجأة
الشقة التي تحتوي على غرفتنا مقفلة من الداخل
طرقنا الباب ولكن دون جدوى
حاولنا أن ننادي ولكن دون إجابة
كانت الساعة تشير السادسة صباحا
اضطررنا أن نفترش الأرض نتناوب على طرق الباب حتى الساعة الثامنة
صحيح كنا محتاجين للنوم ولكن هذا الموقف جعلنا نتعرف على بعضنا أكثر
موقف آخر
وفي ليلة بينما نحن جلوس نتأمل بيت الله
واذا بإمرأة كبيرة في السن عراقية الجنسية
تمسك بورقة بها عنوان ورقم هاتف نقال
اضاعت من هم معها
وهي هنا منذ الصباح
بحثت كثير ولم ترى أحد تعرفه
أخذت الرقم منها واتصلت لكن دون رد
حاولت أكثر من مرة
اخبرتها بأني أعرف فندقها فمسكت بيدي بقوة موافقه
مشيت معها وأحسست بأنها تهذي بالكلام
ربما من شدة التعب
تقول مرات (وين توديني ؟)
ومرة اخرى تقول:(رجعيني من مكان ماجبتيني)
وكلما طمأنتها تقول : (ما أفتهم عليك شقلتي)
المهم وصلت الفندق قلت لها أن تدخل لكنها رفضت وقالت :(هذا مش فندقنا)
اضطررت أن ادخل أنا واتكلم مع الشخص الذي في الاستقبال
إن كان الفندق به حملة عراقية
أخرج كشف بأسماء المسؤلين فكما يبدو بأن الفندق به أكثر من حملة عراقية
إلى أن اقترب شخص وقال : (شصاير ياخيه ؟)
اخبرته ماحصل وكيف وصلنا إلى هنا
وبينما نحن نتحدث إذا برجل يمر علينا
فصرخت المرأة :(ايه هذا أعرفه)
التفت وقال :(شصاير حجية ؟ وين اللي معك ؟)
ابتسمت واخيرا وجدت أهلها.
ودمتم بطاعة المولى

الاثنين، 10 أغسطس 2009

رحلة انتحار الشوق 2



قرر والدي أن تكون رحلتنا يوم الأحد

وبالفعل ركبنا الحافلة التابعة لإحدى الحملات في المنطقة

وسرنا بعد صلوات عاليات لمحمد وآله

وقراءة آية الكرسي وبعض سور الحفظ

وبعض الأبيات الحسينية بحق أم المصائب زينب (عليها السلام)

فالطريق طويل و ليس لنا إلا أهل بيت الرسالة

فبذكرهم يسهل كل عسير

حمدت الله أن مقعدي كان بجوار النافذة

فقضيت وقتي بتأمل الكثبان الرملية الشاسعة

التي كانت تتباين في أشكالها وألوانها

بعضها شامخ ينافس السحاب

و البعض الآخر منثور بشكل رائع

فسبحان الخالق

ولا أنسى بالطبع كيف عانقت هذه الحبات الرملية

شمس ذاك اليوم

ليحل الظلام

فكنت أشعر ببطء الوقت فسواد الليل حرمني أن أطل على الخارج

فاضطررت أن أضع رأسي على النافذة لعل النوم ينجدني

ويتسلل لأجفاني

لا أخفي عليكم كان هدفي الأول أن أرقب كل أنارة في الطريق

لأرى كم بقي من المسافة لميقات السيل الكبير

إلى أن توقفت الحافلة ووصلنا إلى هناك بلطف الله

بملابس بيضاء صافية

و روح احتضنها تحلق داخلي خائفة

التفت يمنة ويسرى

هكذا كنت وغيري الكثير

وكأننا أسراب من الملائكة

فهذه استعدادات دخول مكة

السنتنا تلبي واعيننا تنظر للساعة كل حين

طريق صحراوي وجبال عالية تعانقه

وبعد سويعات أعلن الوصول

هذه مكة المكرمة أمامنا

عمارات ضخمة

إحداها كانت لنا

توجهنا نحوها لنلقي بالأمتعة ونجدد الوضوء

استعداد أخير لأداء العمرة

شعور لا استطيع وصفه

قفز فكري لمن أوصاني بالدعاء

أخواني وأخواتي وصديقاتي وجميع من قلدني الدعاء والزيارة

و ماهي إلا لحظات أسبح معها بخيالي

حتى لاحت الكعبة المشرفة أمام عيني

يالله .. مااعظمها

ما أروع الجموع التي تطوف حولها

انحنيت ساجدة شكر للمولى على وصولي

رفعت رأسي ووقفت سريعا على قدمي

لأختلط مع هذه الأفواج الرائعة

مع هذه النفوس الطائعة

فالكل يرتدي البياض و الكعبة بثوبها الأسود الأخاذ تثبت وجودها .

لي عودة فللحديث بقية